الجمعة، 19 يونيو 2015

أم شريح المقرئ… الفقيهة الاشبيلية

أم شريح المقرئ… الفقيهة الاشبيلية





في تاريخ نساء الأندلس عالمات جليلات عرفن بسيرتهن المليئة بمجموعة من الأحداث والعبر؛ نساء رائدات عرفن بالهمة العالية، وقوة البصيرة.. وكان لهن نصيب غير محدود في إثراء السجل التاريخي الإسلامي العريق بسلسلة من محاسن الأفعال والأقوال، والرأي الصائب، والتوجيهات النيرة؛ “فالمرأة الأندلسية لم تكن بمعزل عن العلم وعن المعرفة، وإنما طرقت النساء الأندلسيات أبواب المعرفة وتضلعن في العلوم الفقهية والحديثية والفرائض وسائر ألوان المعارف والعلوم[1]، ومن نماذج مشاهير النساء الأندلسيات اللائي ذاع صيتهن في هذا المجال السيدة “أم شريح المقرئ“[2] الفقيهة الجليلة والتي ذكرها ابن الأبار وابن بشكوال وغيرهم..  وهي أخت أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن غلبونا لخولاني بن الحصار..”[3] ” ووالدة شريح بن محمد بن شريح الرعيني الاشبيلي أبو الحسن، مقرئ اشبيلية وخطيبها، محدث أديب مشهور توفي بإشيلية في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، مولده باشبيلية بخمس بقين من ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربعمائة”[4]. إلى أن معظم المصادر التاريخية لم تذكر تاريخ ولادتها وهي من أهل اشبيلية[5].
نشأت هذه السيدة في بيئة علمية ذات مكانة اجتماعية كبيرة مكنتها من أن تكون عالمة فقيهة بأمور الدين فكانت شديدة الشغف بالعلم والمعرفة حافظة لكتاب الله.. تلقت مختلف العلوم الشرعية من أكابر وجهابذة العلماء المتفقهين في الدين “فكانت تقرأ القرآن لمن خلف عليها خلف ستر بحرف نافع أخذت عن زوجها أبي عبد الله بن شريح[6]. “وعبد الله بن شريح هذا من اشبيلية وهو محمد بن شريح الرعيني يكنى أبا عبد الله رحل إلى المشرق سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة“[7]. وبالإضافة إلى ذلك كانت من بين النساء الرائدات في مجال نشر العلم. حباها الله بصفات مميزة كالصبر، وحسن الخلق، والحكمة والورع، والتقوى، والزهد.. كل هذه الصفات المحمودة جعلتها تحضا بمكانة مرموقة عند الخاصة والعامة ممن عاصروها من مختلف الشرائح الاجتماعية..
وفي ما يتعلق بتاريخ وفاتها؛ فمعظم المصادر التاريخية لم تذكر تاريخ وفاتها..
رحم الله عالمتنا الجليلة وأسكنها الله فسيح جنانه آمين والحمد لله رب العالمين..
———————-
1. نساء من الأندلس تأليف أحمد خليل جمعة ص:18، الطبعة الأولى 1421ه/2001م اليمامة لطباعة والنشر والتوزيع دمشق بيروت.
2. التكملة لكتاب الصلة للحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله أبي بكر القضاعي البلنسي ابن الأبار، 4/254، تحقيق الدكتور عبد السلام الهراس دار المعرفة.
3. الذيل والتكملة لكتاب الصلة والموصول لأبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد المالك الأنصاري الأوسي المراكشي (2/490-489) حققه عن نسخة الأيسكوزيال الدكتور إحسان عباس  نشر وتوزيع دار الثقافة بيروت لبنان.
4. بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس لأحمد بن يحي بن أحمد بن عميرة، ص: 318 دار الكتاب العربي.
5. الذيل والتكملة لكتاب الصلة والموصول لأبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد المالك الأنصاري الأوسي المراكشي (4/254) حققه عن نسخة الأيسكوزيال الدكتور إحسان عباس  نشر وتوزيع دار الثقافة بيروت لبنان.
6. التكملة لكتاب الصلة للحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله أبي بكر القضاعي البلنسي ابن الأبار، 4/254، تحقيق الدكتور عبد السلام الهراس دار المعرفة.
7. الصلة لابن بشكوال أبي القاسم خلف بن عبد  الملك، (2/353)  الدار المصرية للتأليف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق