قصة خيار
الناس في غزوة كانوا مع خير خلق الله (النبي المصطفى) صلى الله عليه وآله وسلم
كاتبة الموضوع: الأخت أم حفص -وفقها الله-
عن الزبير بن العوام رضي
الله عنه: أنه لما كان يوم أُحُد، أقبلت امرأة تسعى حتى كادت أن تشرف على القتلى،
قال: فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم، فقال: ((المرأة المرأة)). وقال الزبير:
فتوسَّمتُ أنها أُمي صفية، قال: فخرجت أسعى إليها، قال: فأدركتها قبل أن تنتهي إلى
القتلى، قال: فلَدَمت في صدري - وكانت امرأة جَلْدة- قالت: إليك عني لا أرض لك، فقلت:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك، قال: فوقفتْ وأخرجتْ ثوبين معها فقالت:
هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفِّنوه فيهما، قال: فجئنا
بالثوبين لنكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل فُعل (به) كما فعل
بحمزة، قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن يكقِّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له
فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب، فقدَّرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا
بينهما فكفَّنَّا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له. أخرجه البزار وأحمد وأبي
يعلى ، قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف وقد وُثِّق. انتهى.
وعند ابن إسحاق في السيرة عن
الزّهْري وعاصم بن عمر بن قتادة ومحمد بن يحيى وغيرهم عن قتل حمزة رضي الله عنه
قال: فأقبلت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها لتنظر إلى أخيها، فلقيها الزبير
رضي الله عنه فقال: أيْ أُمه إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي،
قالت: ولمَ وقد بلغني أنه مُثِّل بأخي؟ وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك؟
لأصبرنَّ وأحتسبنَّ إن شاء الله، فجاء الزبير فأخبره فقال: «خلِّ سبيلها» قأتت
إليه واستغفرت له ثم أمر به فدفن. كذا في الإِصابة.
تأملات في القصة وذكر بعض
الفوائد:
v شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته على الصنف الضعيف (النساء)، حين
رأى المرأة تسعى إلى القتلى فأمر بإيقافها ومنعها، وكره أن تراهم على هذه الحالة.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((المرأة المرأة))، كان يريد أن يوقفوها.
v عرف الزبير بن العوام رضي الله عنه أنها أمه صفية بنت عبد المطلب
(عمة الرسول صلى الله عليه وسلم) وخرج الزبير يسعى إليها حتى يمنعها عملا بأمر
النبي صلى الله عليه وسلم. تأمل العبارة (قال:
فخرجتُ أسعى إليها، قال: فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى).
v (قال: فلَدَمت في صدري - وكانت امرأة جَلْدة- قالت: إليك عني لا أرض لك)
لدمت[1]،
أي: ضربت ودفعت أمه صدره. قال: وكانت امرأة جلدة، أي: ذات قوة وصلابة في نفسها.
v تأملوا الان: الزبير (حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم) أمام
والدته وهي تريد أن تصل إلى الشهداء على كل حال، وترى أخاها الشهيد حمزة بن عبد
المطلب (عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة)، والزبير خرج بأمر الرسول
صلى الله عليه وسلم، قال الزبير رضي الله عنه: (فقلت:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك.)،
وفي رواية: (قال: أيْ أُمه إنَّ رسول الله صلى الله عليه
وسلم يأمرك أن ترجعي).
v (قال: فوقفتْ..) هكذا الصحابة -رضوان الله
عليهم- كانوا وقّافين عند أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تأملوا -بارك الله فيكم-! قال في البداية (أقبلت
امرأة تسعى حتى كادت...)، حتى قال (فلَدَمت
في صدري)، وقالت لابنه (إليك عني لا أرض لك)، وفي النهاية عندما سمعت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوقفت).
v (قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن يكقِّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له)
(قال: فوقفتْ وأخرجتْ ثوبين معها فقالت: هذان
ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفِّنوه فيهما) فجاءوا إلى حمزة
فوجدوا رجلا من الأنصار شهيدا فعل به كما فعل بحمزة، (قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن
يكقِّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له). والغضاضة:
الذلة والمنقصة والعيب.
فقالوا:
ثوب لحمزة وثوب للأنصاري، ثم قدّروا الثوبين فكان أحدهما أكبر من الآخر، قال: (فأقرعنا بينهما فكفَّنَّا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له).
#######
[1] - (لَدَمَ) اللَّامُ
وَالدَّالُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِلْصَاقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، ضَرْبًا
أَوْ غَيْرَهُ، فَاللَّدْمُ: ضَرْبُ الْحَجَرِ بِالْحَجَرِ. معجم مقاييس
اللغة لابن فارس.