السبت، 16 يوليو 2016

قصة مليئة بالفوائد

قصة خيار الناس في غزوة كانوا مع خير خلق الله (النبي المصطفى) صلى الله عليه وآله وسلم 

كاتبة الموضوع: الأخت أم حفص -وفقها الله-

عن الزبير بن العوام رضي الله عنه: أنه لما كان يوم أُحُد، أقبلت امرأة تسعى حتى كادت أن تشرف على القتلى، قال: فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم، فقال: ((المرأة المرأة)). وقال الزبير: فتوسَّمتُ أنها أُمي صفية، قال: فخرجت أسعى إليها، قال: فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، قال: فلَدَمت في صدري - وكانت امرأة جَلْدة- قالت: إليك عني لا أرض لك، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك، قال: فوقفتْ وأخرجتْ ثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفِّنوه فيهما، قال: فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل فُعل (به) كما فعل بحمزة، قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن يكقِّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له فقلنا: لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب، فقدَّرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما فكفَّنَّا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له. أخرجه البزار وأحمد وأبي يعلى ، قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف وقد وُثِّق. انتهى.

وعند ابن إسحاق في السيرة عن الزّهْري وعاصم بن عمر بن قتادة ومحمد بن يحيى وغيرهم عن قتل حمزة رضي الله عنه قال: فأقبلت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها لتنظر إلى أخيها، فلقيها الزبير رضي الله عنه فقال: أيْ أُمه إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي، قالت: ولمَ وقد بلغني أنه مُثِّل بأخي؟ وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك؟ لأصبرنَّ وأحتسبنَّ إن شاء الله، فجاء الزبير فأخبره فقال: «خلِّ سبيلها» قأتت إليه واستغفرت له ثم أمر به فدفن. كذا في الإِصابة.

تأملات في القصة وذكر بعض الفوائد:
v  شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته على الصنف الضعيف (النساء)، حين رأى المرأة تسعى إلى القتلى فأمر بإيقافها ومنعها، وكره أن تراهم على هذه الحالة. فقال صلى الله عليه وسلم: ((المرأة المرأة))، كان يريد أن يوقفوها.
v  عرف الزبير بن العوام رضي الله عنه أنها أمه صفية بنت عبد المطلب (عمة الرسول صلى الله عليه وسلم) وخرج الزبير يسعى إليها حتى يمنعها عملا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم. تأمل العبارة (قال: فخرجتُ أسعى إليها، قال: فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى).
v  (قال: فلَدَمت في صدري - وكانت امرأة جَلْدة- قالت: إليك عني لا أرض لك)
لدمت[1]، أي: ضربت ودفعت أمه صدره. قال: وكانت امرأة جلدة، أي: ذات قوة وصلابة في نفسها.
v  تأملوا الان: الزبير (حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم) أمام والدته وهي تريد أن تصل إلى الشهداء على كل حال، وترى أخاها الشهيد حمزة بن عبد المطلب (عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة)، والزبير خرج بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الزبير رضي الله عنه: (فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك.)، وفي رواية: (قال: أيْ أُمه إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي).
v  (قال: فوقفتْ..) هكذا الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا وقّافين عند أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تأملوا -بارك الله فيكم-! قال في البداية (أقبلت امرأة تسعى حتى كادت...)، حتى قال (فلَدَمت في صدري)، وقالت لابنه (إليك عني لا أرض لك)، وفي النهاية عندما سمعت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوقفت).
v  (قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن يكقِّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له)
(قال: فوقفتْ وأخرجتْ ثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفِّنوه فيهما) فجاءوا إلى حمزة فوجدوا رجلا من الأنصار شهيدا فعل به كما فعل بحمزة، (قال: فوجدنا غضاضة وحياء أن يكقِّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له). والغضاضة: الذلة والمنقصة والعيب.
فقالوا: ثوب لحمزة وثوب للأنصاري، ثم قدّروا الثوبين فكان أحدهما أكبر من الآخر، قال: (فأقرعنا بينهما فكفَّنَّا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له).

#######


[1] - (لَدَمَ) اللَّامُ وَالدَّالُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِلْصَاقِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، ضَرْبًا أَوْ غَيْرَهُ، فَاللَّدْمُ: ضَرْبُ الْحَجَرِ بِالْحَجَرِ. معجم مقاييس اللغة لابن فارس.


في الوقف والابتداء في القرآن الكريم-1

الوقف والابتدا في القرآن الكريم

كاتبة الموضوع : الأخت الفاضلة نادية فياض -وفقها الله-

بسم الله الرحمن الرحيم .
سنأخذ موضوعًا مهما جدا لِمَن يعلِّمون ويتعلمون القران، ألا وهو موضوع الوقف والابتداء . قال الناظم -رحمه الله- وبعد ما تحسن أن تجود لابد أن تعرف وقفا وابتدا.
وبعد تجويدك للحروف            لابد معرفة الوقوف .
وللعلماء مذاهب في الوقف والابتداء على رؤوس الآي، وسنأخذ بالرأي الراجح لعلمائنا ومشايخنا -حفظهم الله- وهو المذهب الرابع:
أن حكم الوقف على رؤوس الآيات كحكمه على غيرها مما ليس برأس آية؛ فحينئذٍ يُنظر إلى ما بعد رأس الآية من حيث التعلّق وعدمه، فإن كان له تعلّق لفظي برأس الآية، فلا يجوز الوقف على رأس الآية، وإن لم يكن له به تعلق لفظي جاز الوقف، ومعلوم أن التعلّق اللفظي يلزمه التعلق المعنوي لا العكس.
فالوقف والابتداء هوشرف العالم وزينة القارئ وحلية التلاوة وفهم التالي، (يعين على فهم التفسيروالتدبر)، وبلاغ المستمع (تبليغ رسالة). وسنشرع أحبتي في الله ومصدر الكلام هذا؛ التقرير الرائع للشيخ العالم إسماعيل الشرقاوي -حفظه الله-، ومن كتاب المكتفى لأبي عمرو الداني -رحمه الله- وأيضا نقلتُ مما سمعته من تسجيل الشيخ سعيد صالح زعيمة -حفظه الله- .

وسنبدأ من سورة الفاتحة باذن الله .
الوقف على آخر الاستعاذة تامٌ، وإن لم تكن من القران لكن نحن مأمورون بها. وعلى آخرالتسمية تامٌ. وعلى (مالك يوم الدين)، تام. و(إياك نستعين) تام، و(ولا الضالين) تام. ولانقف على أنعمت عليهم بل نوصلها بما بعدها .

(سورة البقرة) الآية (7): نقف على (سمعهم)، وقف لازم كاف، وقيل: تام لمن يقرأ (غشاوة) بالضم، لأن الختم يكون على الأسماع والقلوب، وبعدها نبدأ (وعلى أبصارهم غشوة) . الوقف على (بلى) كاف، والأولى الوقف بعدها إلا في أربعة مواضع:
1)    الانعام (أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا )، وشبيهتها:
2)    في الأحقاف
3)    وفي سبا: (قل بلى وربي)
4)    والتغابن (قل بلى وربي لتبعثن)
ففي هذه المواضع الأربعة نوصلها ومثلها في الآية: 260 البقرة: (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )، نوصلها لأن إبراهيم عليه السلام لم يتردد.
الآية (83): (..لاتعبدون إلا الله) نقف وقف تام ثم نبتدئ: (وبالوالدين إحسانا)، بتقدير: واستوصوا بالوالدين .
في الآية (102): نقف على (على ملك سليمان)، ولانوصلها بـ (وماكفر سليمان ) حتى لاتصبح ما بمعنى الموصولة، فلابد من الوقف حتى تعطي معنى النفي . كما أن نهاية الآية (لو كانوايعلمون) نقف قبلها وقفا لازما، فيكون البدء ب(لوكانوا يعلمون).
*    وجاءت (لو كانوا يعلمون) معنا في سبع مواضع في القران الكريم، نظمها شيخنا الكريم إسماعيل الشرقاوي -حفظه الله- في البيت:
        (قِفْ لَازِمًا "لو كانوا يعلمون" ... عَنْكَبُ غُرَفِ زَهْرَا نِعَمُ نُونْ)

عنكب: (سورة العنكبوت)، غرف (سورة الزمر)، زهرا (البقرة موضعان 102,103)، نعم(سورة النحل)، نون (سورة القلم). وهناك موضع وحيد في سورة سبأ يجب فيه الوصل . ومثلها (إن كنتم تعلمون) أيضا نقف قبلها ونبدأ بها .

في الآية: (105)، (والله يختص برحمته من يشاء)، نقف وقفا تاما ثم نبدا (والله ذو الفضل العظيم) .
*    وهنا ملاحظة: نقف قبل (واللهُ) ونبدأ بها، مثلا: (والله غفور رحيم)، (والله ذو الفضل العظيم)، وهكذا. كما نقف قبل (إنّ) (الهمزة المكسورة والنون المشددة )، ونبدأ بها مثلا: (إنّ الله غفور رحيم)، أو (إن الله قوي عزيز)، وهكذا. أما كل (أنّ) و(أنْ) (الهمزة المفتوحة) تكون موصولة بما قبلها، ولايصح البدأ بها.

الآية: (125)، الوقف على (وأمنا) تام لمن قرأ (واتّخذوا) بكسر الخاء، أمّا من قرأ بفتح الخاء لايقف لأنها معطوفة على ماقبلها.
الآية: (165)، (كحب الله) نقف وقفا كافيا. (أشد حبا لله) تام .
الآية: (184)، (...فمن تطوع خيرا فهو خيرله وان تصوموا خير لكم) ونقف ثم نبدأ (إن كنتم تعلمون)، كما مرت معنا. وننتبه لانقف (فمن تطوع خيرا فهو خير له)، لأننا لا نبدأ (وأن تصوموا) بفتح الهمزة، ومرت معنا كل (أن) بفتح الهمزة موصولة .
الآية: (185)، نهايتها (ولعلكم تشكرون) موصولة بما قبلها.
*    ملاحظة: كل (لعلّ) موصولة في القران .
الآية: (217)، نقف وقفا لازما بعد (كبير). هنا الحديث عن المسلمين عندما وقع منهم خطأ القتال في شهر محرم ثم نبدأ بقوله: (وصد عن سبيل الله)، وهنا الحديث عن المشركين، وهنا ما أعظم وأخطر من القتال في الشهرالحرام وهو منع المؤمنين عن دين الله وكفرهم بالله وصدهم عن المسجد الحرام وإخراجهم من البلد.

بداية الآية: (229)، لانقف على (الطلاق مرتان)، وإنما نوصلها بما بعدها ليتم المعنى .
نهاية الآية: (219)، نوصلها بما بعدها ليتم المعنى (لعلكم تتفكرون في الدنياوالاخرة).
الآية: (271)، من قرأ: (ونكفر عنكم) برفع الراء سواء قرأ بالنون أو الياء وقف على قوله تعالى: (فهو خير لكم) وهو وقف كاف. ومن قرأ (ونكفر) بالجزم، لم يقف على (فهو خير لكم)، لأنها معطوفة.

الآية: (282) آية الدين، نقف بعد (فليكتب) ثم نبدأ (وليملل) لأن الذي يكتب ليس هو نفسه الذي يملل. ونقف على (شيئا) ، (وليه بالعدل)،(الاخرى),(اذا مادعوا),(اذا تبايعتم) ,(ولاشهيد)، (فسوق بكم) ,(ويعلمكم الله).