بسم الله الرحمن الرحيم
المطلب الثاني : شيوخها في العلم والرواية.
تلقت أم الكرام علوم الفقه من كبار الفقهاء
والعلماء أمثال زاهر بن أحمد السرخسي، وعبدالله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني،
وسمعتْ من أبي الهيثم الكشميهني صحيح البخاري، وقد روت "الصحيح" مرات
كثيرة، مرة بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام الموسم. قال أبوالغنائم النرسي: أخرجت
كريمة إلي النسخة “بالصحيح”، فقعدت بحذائها، وكتبت سبع أوراق، وقرأتها، وكنت أريد
أن أعارض وحدي، فقالت: لا حتى تعارض معي. فعارضت معها. قال: وقرأت عليها من حديث
زاهر.[1]
هي كانت
أول امرأة درست (صحيح البخاري) في مكة المكرمة بل إن النسخة المعتمدة التي نوه بها
الحافظ بن حجر العسقلاني في (فتح الباري) والتي عدها من أهم النسخ هي نسخة المحدثة
كريمة بنت أحمد المروزية. حضر دروسها أكابر علماء الحديث ونالوا منها الاجازة
وحدثت بـ (صحيح البخاري) عن كبار الحفاظ والمسندين من أبرزهم:
·
أبو الهيثم محمد بن المكي الكشميهني رحمه
الله:
هو أبو الهيثم: محمد بن مكي
بن محمد بن مكي بن زرَّاع بن هارون المروزي الكُشميهَني (تـ389هـ).
حدّث بصحيح البخاري مرات عن
أبي عبد الله الفِرَبري، وحدّث عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن يزيد المروزي
الداعوني، ومحمد بن أحمد بن عاصم، وإسماعيل بن محمد الصفّار.
حدّث عنه: أبو ذر الهروي،
وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبو الخير محمد بن عمران الصفّار، وأبو سهل
محمد بن أحمد الحفصي، وكريمة المروزية المجاورة وآخرون.
قال عنه الحافظ الذهبي: "المحدّث الثقة".[2]
·
وزاهر بن أحمد السرخسي رحمه الله:
هو زاهر بن أحمد بن محمد بن
عيسى، أبو علي السرخسي، (تـ389هـ). ولد سنة 294هـ.
سمع أبا لبيد محمد بن إدريس
السامي، وأبا القاسم البغوي، ومحمد بن حفص الجويني، والمؤمل بن الحسن الماسرجسي،
وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، وغيرهم.
حدّث عنه: الحاكم، وأبو عثمان
إسماعيل بن الصابوني، ومحمد بن أحمد بن محمد بن جعفر المزكي، وأبو عثمان سعيد بن
محمد البحيري، والقاضي أبو المظفر منصور بن إسماعيل بن أبي قرة الحنفي، وكريمة
المروزية المجاورة وخلق سواهم.
قال الحاكم: هو أبو علي
السرخسي الشافعي، شيخ عصره بخراسان، سمعت مناظرته في مجلس أبي بكر بن إسحاق
الصبغي، وكان قد قرأ على أبي بكر بن مجاهد، وتفقه عند أبي إسحاق المروزي، ودرس
الأدب على أبي بكر الأنباري، وكانت كتبه ترد علي على الدوام.[3]
مات سنة 398هـ
وله 96 سنة.
·
وعبدالله بن يوسف بن باموية الاصبهاني:
هو : عبد الله بن يوسف بن
أحمد بن بامويه، الأردَستاني، المشهور بأصبهاني، نزيل نيسابور، (تـ409هـ).
حجَّ وصحِب شيخ الحرم أب سعيد
بن الأعرابي، وأكثر عنه، وسمع بنيسابور محمد بن أبي بكر القطان، وأبي الحسن
البوشنجي، وأبي العباس الأصم، وأبي رجاء محمد بن حامد التميمي وعدة.
حدّث عنه: أبو بكر البيهقي،
وأبو القاسم القشيري، وأبو بكر بن خلف الشرازي، ومحمد بن أحمد بن محمد العلوي،
ومحمد بن عبيد الله الصّرام، وأبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني، وكريمة
المروزية وغيرهم كثير.
أثنى عليه الحافظ الذهبي
فقال: "الإمام المحدّث الصالح شيخ الصوفية"[4].
توفي في رمضان سنة 409هـ عن 94سنة.
درس
عليها في مكة المكرمة كبار المحدثين من المشرق والمغرب حتى أن محدث هراة الحجة أبا
ذر الهروي اوصى تلاميذه بألا يأخذوا (صحيح البخاري ) إلا عنها.[5]
ومن
أشهر من حضر دروسها في صحيح البخاري من المشارقة، وأخذ الإجازة منها:
· الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي
المعروف بالخطيب البغدادي (ت463هـ) كان يقرأ عليها وهي تسمع. دخل الخطيب
مكة حاجاً، وسجل وجوده فيها سنة 445هـ. وتلقى الخطيب صحيح البخاري من الشيخة كريمة
المروزية بقراءته عليها في خمسة أيام، وذلك في أيام الموسم.[6]
· وأبو المظفر منصور بن محمد بن عبدالجبار بن أحمد التميمي
السمعاني (ت489هـ)، المحدث والنسابة المشهور، سمع على كريمة المروزية في مكة وروى
عنها.[7]
· وإمام الحرمين أبو عبدالله الحسين بن علي بن الحسين الطبري
(498هـ)، مفتي مكة ومحدثها أخذ عن كريمة (صحيح البخاري)، وروى عنه.[8]
· وعلي بن ابراهيم بن العباس بن الحسين النسيب (ت 508هـ)، وهو
العالم الثقة المحدث نال الاجازة في رواية (صحيح البخاري) عنها.
· وأبو طالب الحسين بن محمد بن علي بن حسن الزينبي (ت512هـ) سمع
منها بمكة المكرمة.
· والمحدث الثقة أبو الحسن علي بن الحسين بن الفراء الموصلي
(ت519هـ) إجازته كريمة في مكة.
· وأبو عبدالله محمد بن بركات بن هلال بن عبدالواحد السعيدي
المصري (ت 520هـ). قرأ على كريمة في مكة في أثناء مجاورته.[10]
أما علماء المغرب فقد كانت
كريمة المروزية محل اهتمامهم يقرأون عليها (صحيح البخاري) وينالون الإجازة منها،
كان من أبرزهم:
· جماهر بن عبدالرحمن بن جماهر الطليطلي (ت466هـ) لقي كريمة في
رحلته الى مكة سنة 452هـ، وأخذ عنها رواية (صحيح البخاري).
· محمد بن ابي نصر فتوح بن عبدالله بن فتوح بن حميد الازدي
الحميدي الأندلسي (ت488هـ).
· عبدالعزيز بن عبدالوهاب بن ابي غالب القيرواني (ت495بهـ).
· أحمد بن عثمان بن مكحول (ت513هـ).
· الحسن بن خلف بن بليمة الهواري القيرواني (ت514هـ).
· أبو الأصبغ عيسى بن محمد بن عبدالله بن عيسى بن مؤمل بن ابي
البحر الزهري(530هـ).
فالعلماء كافة سواء أكانوا من
المشرق أم من المغرب كانوا يعترفون بقدر هذه العالمة المحدثة الكبيرة فلا يشيرون إليها
إلا بالتبجيل والتقدير والأدب، وقد شهدوا لها بالاتقان في الضبط والمقابلة والمعارضة
والفهم قال عنها تلميذها ابو الغنائم النرسي: “اخرجت كريمة الى النسخة بـ (الصحيح)
فقعدت بحذائها وكتبت سبع أوراق وقرأتها وكنت اريد ان اعارض وحدي فقالت لا حتى
تعارض معي فعارضت معها قال: وما قرأت عليها من حديث زاهر.
وصفها ابن الجوزي بـ (العالمة
الصالحة)[11]، والحافظ الذهبي بـ
(الشيخة، العالمة، الفاضلة، المسندة)[12]،
كما وصفها علماء المغاربة بـ (الاستاذة) وبـ (الحرة الزاهدة)[13].
******************
[3] - طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين السبكي، 3/293، تحقيق:
د.محمود محمد الطناحي، د.عبد الفتاح محمد الحلو، دار الهجر للطباعة والنشر
والتوزيع، الطبعة الثانية: 1413هـ.
[8] - طبقات السبكي: 4/349، العقد الثمين في تأريخ البلد
الأمين، لتقي الدين محمد بن علي الفاسي المكي، 4/200، مؤسسة الرسالة.
[13] - فهرس ابن عطية، للإمام القاضي عبد الحق بن عطية المحاربي
الأندلسي، ص: 94، و127، تحقيق: محمد أبو الأجفان، ومحمد الزاهي، دار الغرب
الإسلامي-بيروت، الطبعة الثانية: 1983م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق